الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين **
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، تذكرة لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوى الألباب والاعتبار، الذى أيقظ من خلقه من اصطفاه فزهدهم في هذه الدار، وشغلهم بمراقبته وإدامه الإفكار، وملازمة الاتعاظ والادكار، ووفقهم للدأب في طاعته، والتأهب لدار القرار، والحذر مما يسخطه ويوجب دار البوار، والمحافظة على ذلك مع تغاير الأحوال والأطوار. أحمده أبلغ حمدٍ وأزكاه وأشمله وأنماه. وأشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم، الرؤف الرحيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبة وخليله، الهادى إلى صراط مستقيم، والداعى إلى دين قويم. صلوات الله وسلامه عليه، وعلى سائر النبين، وآل كل، وسائر الصالحين. أما بعد: فقد قال الله تعالى: نظروا فيها فلما علموا**أنها ليست لحي وطنـــا
جعلوها لُجة واتخـذوا** صالح الأعمال فيها سفنـا فإذا كان حالها ما وصفته، وحالنا وما خلقنا له ما قدمته، فحق على المكلف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولى النهى والأبصار، ويتأهب لما أشرت إليه، ويهتم بما نبهت عليه. أصوب طريق له في ذلك، وأشد ما يسلكه من المسالك: التأدب بما صح عن نبيناً سيد الأولين والآخرين، وقد قال الله تعالى: فرأيت أن أجمع مختصراً من الأحاديث الصحيحة، مشتملاً على ما يكون طريقاً لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلاً لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعاً للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين: من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين. وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثاً صحيحاً من الواضحات، مضافاً إلى الكتب الصحيحة المشهورات، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشح ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفى بنفائس من التنبيهات. وإذا قلت في آخر حديث: متفق عليه، فمعناه: رواه البخاري ومسلم. وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقاً للمعتنى به إلى الخيرات، حاجزاً له عن أنواع القبائح والمهلكات. وأنا سائل أخاً انتفع بشئ منه أن يدعو لي، ولوالدى، ومشايخى، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين، وعلى الله الكريم اعتمادى، وإليه تفويضى واستنادى، وحسبى الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
|